فصل: (فَرْعٌ): (لو شرط تَعْجِيلَ خَمْسِينَ وَتَأْجِيلَ أُخْرَى):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى



.[الشَّرْطُ الْخَامِسُ: غَلَبَةُ مُسْلَمٍ فِيهِ وَقْتَ مَحِلِّهِ]:

الشَّرْطُ (الْخَامِسُ غَلَبَةُ مُسْلَمٍ فِيهِ وَقْتَ مَحِلِّهِ) لِأَنَّهُ وَقْتَ وُجُوبِ تَسْلِيمِهِ، وَإِنْ عُدِمَ وَقْتَ عَقْدٍ؛ كَسَلَمٍ فِي رُطَبٍ وَعِنَبٍ فِي الشِّتَاءِ إلَى الصَّيْفِ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ تَسْلِيمُهُ غَالِبًا عِنْدَ وُجُوبِهِ؛ أَشْبَهَ بَيْعَ الْآبِقِ، بَلْ أَوْلَى. (وَيَصِحُّ) سَلَمٌ (إنْ عَيَّنَ) مُسْلِمٌ مُسْلَمًا فِيهِ مِنْ (نَاحِيَةٍ تَبْعُدُ فِيهَا آفَةٌ)؛ كَتَمْرِ الْمَدِينَةِ، وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ إنْ عَيَّنَ (قَرْيَةً صَغِيرَةً أَوْ بُسْتَانًا- وَلَوْ) كَانَ الْبُسْتَانُ الْمُعَيَّنُ (كَبِيرًا- وَلَا) إنْ أَسْلَمَ فِي شَاةٍ (مِنْ غَنَمِ زَيْدٍ، أَوْ) أَسْلَمَ فِي بَعِيرٍ مِنْ (نِتَاجِ فَحْلِهِ)، أَوْ فِي عَبْدٍ مِثْلِ هَذَا الْعَبْدِ وَنَحْوِهِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ: «أَنَّهُ أَسْلَفَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ دَنَانِيرَ فِي تَمْرٍ مُسَمًّى، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ مِنْ تَمْرِ حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَّا مِنْ حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ فَلَا، وَلَكِنْ كَيْلٌ مُسَمًّى إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى» وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ انْقِطَاعُهُ، وَلَا تَلَفُ الْمُسْلَمِ فِي مِثْلِهِ، أَشْبَهَ تَقْدِيرَهُ بِمِكْيَالٍ لَا يُعْرَفُ. (وَإِنْ أَسْلَمَ لِمَحِلٍّ)؛ أَيْ: وَقْتٍ (يُوجَدُ فِيهِ) مُسْلَمٌ فِيهِ (عَامًا، فَانْقَطَعَ وَتَحَقَّقَ بَقَاؤُهُ؛ لَزِمَهُ تَحْصِيلُهُ- وَلَوْ شَقَّ-) كَبَقِيَّةِ الدُّيُونِ. (فَإِنْ هَرَبَ) مُسْلَمٌ إلَيْهِ (أُخِذَ) مُسْلَمٌ فِيهِ (مِنْ مَالِهِ)؛ كَغَيْرِهِ مِنْ الدُّيُونِ عَلَيْهِ. (وَإِنْ تَعَذَّرَ) مُسْلَمٌ فِيهِ (أَوْ) تَعَذَّرَ (بَعْضُهُ)؛ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ؛ (خُيِّرَ مُسْلِمٌ بَيْنَ صَبْرٍ) إلَى وُجُودِهِ، فَيُطَالِبُ بِهِ، (أَوْ فَسْخٍ فِيمَا تَعَذَّرَ) مِنْهُ؛ كَمَنْ اشْتَرَى قِنًّا، فَأَبَقَ قَبْلَ قَبْضِهِ، (وَيَرْجِعُ) إنْ فَسَخَ، لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ كُلِّهِ (بِرَأْسِ مَالِهِ) إنْ وُجِدَ، (أَوْ عِوَضِهِ؛ لِعَدَمِ) مُسْلَمٍ فِيهِ. (وَإِنْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ فِي خَمْرٍ، ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا؛ رَدَّ) لِمُسْلِمٍ (رَأْسَ مَالِهِ) إنْ وُجِدَ أَوْ عِوَضَهُ إنْ تَعَذَّرَ.

.[الشَّرْطُ السَّادِسُ: قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ الْمُسْلِمِ]:

الشَّرْطُ (السَّادِسُ قَبْضُ رَأْسِ مَالِهِ) أَيْ: الْمُسْلِمِ (قَبْلَ تَفَرُّقٍ) مِنْ مَجْلِسِ عَقْدِهِ تَفَرُّقًا يُبْطِلُ خِيَارَ مَجْلِسٍ؛ لِئَلَّا يَصِيرَ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَاسْتَنْبَطَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ أَسْلَفَ فَلْيُسْلِفْ» أَيْ: فَلِيُعْطِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ اسْمُ السَّلَفِ فِيهِ حَتَّى يُعْطِيَهُ مَا سَلَفَهُ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ مَنْ أَسْلَفَهُ، (فَإِنْ قَبَضَ) مُسْلَمٌ إلَيْهِ (بَعْضَهُ)؛ أَيْ: بَعْضَ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ؛ (صَحَّ فِيهِ)؛ أَيْ: فِيمَا قَبَضَ بِقِسْطِهِ (فَقَطْ)؛ أَيْ: وَبَطَلَ فِيمَا لَمْ يَقْبِضْ؛ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. (وَإِنْ بَانَ)؛ أَيْ: ظَهَرَ رَأْسُ مَالٍ مُسْلِمٍ مَقْبُوضٍ (غَصْبًا أَوْ مَعِيبًا) عَيْبًا (مِنْ الْجِنْسِ أَوْ غَيْرِهِ)؛ فَحُكْمُهُ (كَمَا مَرَّ فِي صَرْفٍ) مِنْ أَنَّهُ إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مَغْصُوبٌ، أَوْ الْعَيْبُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ، بَطَلَ؛ كَمَا لَوْ ظَهَرَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ مِنْ الْجِنْسِ؛ فَلِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ إمْسَاكُهُ وَأَخْذُ أَرْشِ عَيْبِهِ، أَوْ رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ، لَا مِنْ جِنْسِ السَّلِيمِ، وَإِنْ اخْتَارَ أَخْذُ بَدَلِهِ بَعْدَ الْمَجْلِسِ؛ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، (وَكَقَبْضٍ) فِي الْحُكْمِ (مَا بِيَدِهِ)؛ أَيْ: الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (أَمَانَةٌ أَوْ غَصْبٌ) وَنَحْوُهُ، فَيَصِحُّ جَعْلُهُ رَأْسَ مَالٍ مُسْلِمٍ فِي ذِمَّةِ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ، وَقَوْلُهُ أَمَانَةٌ أَوْ غَصْبٌ بَدَلٌ مِنْ مَا. (وَيَتَّجِهُ) إنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ (مَعَ رُؤْيَةِ) مَا جَعَلَاهُ مِنْ الْأَمَانَةِ أَوْ الْغَصْبِ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ (أَوْ تَقَدُّمُهَا)؛ أَيْ: الرُّؤْيَةِ عَلَى الْعَقْدِ (بِزَمَنٍ يَسِيرٍ)؛ لِئَلَّا يَصِيرَ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ (لَا) يَصِحُّ جَعْلُ (مَا فِي ذِمَّةٍ) رَأْسَ مَالِ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ دَيْنٌ فَإِنْ كَانَ رَأْسُ مَالِهِ دَيْنًا كَانَ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، بِخِلَافِ أَمَانَةٍ وَغَصْبٍ. (وَشَرْطِ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ)؛ أَيْ: رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، (وَ) مَعْرِفَةِ (صِفَتِهِ)؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ فَسْخُ الْمُسْلِمِ، لِتَأَخُّرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَوَجَبَ مَعْرِفَةُ رَأْسِ مَالِهِ؛ لِيُرَدَّ بَدَلُهُ؛ كَالْقَرْضِ، وَاعْتُبِرَ التَّوَهُّمُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ جَوَازِهِ، وَإِنَّمَا جَوَّزَهُ مَعَ الْأَمْنِ مِنْ الْغَرَرِ، وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا. (فَلَا تَكْفِي مُشَاهَدَتُهُ) أَيْ: رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ؛ كَمَا لَوْ عَقَدَهُ بِصُبْرَةٍ لَا يَعْلَمَانِ قَدْرَهَا وَوَصْفَهَا، (وَلَا يَصِحُّ بِمَا لَا يَنْضَبِطُ كَجَوْهَرٍ) وَثَوْبٍ غَرِيبِ النَّسْجِ وَكُتُبٍ (وَمَغْشُوشٍ، وَيَرُدُّ) مَا قَبَضَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ رَأْسُ مَالِ سَلَمٍ؛ لِفَسَادِ الْعَقْدِ (إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا يُوجَدْ فَقِيمَتُهُ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا، وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا؛ كَصُبْرَةٍ مِنْ نَحْوِ حُبُوبٍ؛ (فَإِنْ اخْتَلَفَا) فِيهَا؛ أَيْ: الْقِيمَةِ، فِي قِيمَةِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ الْبَاطِلِ، أَوْ فِي قَدْرِ الصُّبْرَةِ الْمَجْعُولَةِ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ؛ (فَقَوْلُ مُسْلَمٍ إلَيْهِ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ، (فَإِنْ تَعَذَّرَ) قَوْلُ مُسْلَمٍ إلَيْهِ؛ بِأَنْ قَالَ: لَا أَعْرِفُ قِيمَةَ مَا قَبَضْتُهُ؛ (فَقِيمَةُ مُسْلَمٍ فِيهِ مُؤَجَّلًا) إلَى الْأَجَلِ الَّذِي عَيَّنَاهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْأَشْيَاءِ أَنْ تُبَاعَ بِقِيمَتِهَا؛ وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُسْلَمٍ إلَيْهِ فِي قَبْضِ رَأْسِ مَالِهِ، وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: قَبَضَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، وَالْآخَرُ بَعْدَهُ؛ فَقَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَتُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ عِنْدَ التَّعَارُضِ.

.(فَرْعٌ): [لو شرط تَعْجِيلَ خَمْسِينَ وَتَأْجِيلَ أُخْرَى]:

(لَوْ تَعَاقَدَا عَلَى) نَحْوِ (مِائَةِ دِرْهَمٍ فِي كُرِّ بُرٍّ، وَشَرَطَا تَعْجِيلَ خَمْسِينَ وَتَأْجِيلَ أُخْرَى؛ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ فِي الْكُلِّ)- وَلَوْ قُلْنَا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ- (لِأَنَّ مَا عُجِّلَ يُقَابَلُ بِأَكْثَرَ مِمَّا أُجِّلَ، وَهُوَ مَجْهُولٌ)؛ فَلَمْ يَصِحَّ لِذَلِكَ.

.[الشَّرْطُ السَّابِعُ: أَنْ يُسْلَمَ فِي ذِمَّةٍ]:

الشَّرْطُ (السَّابِعُ أَنْ يُسْلَمَ فِي ذِمَّةٍ):
(فَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي عَيْنٍ) نَابِتَةٍ؛ كَشَجَرَةٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ بَيْعُهُ فِي الْحَالِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى السَّلَمِ فِيهِ، (وَبَعْضُهُمْ)؛ أَيْ: بَعْضُ الْأَصْحَابِ (نَفَاهُ)؛ أَيْ: نَفَى هَذَا الشَّرْطَ، فَلَمْ يَذْكُرْهُ اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِذَكَرِ الْأَجَلِ؛ (لِأَنَّ الْمُؤَجَّلَ لَا يَكُونُ إلَّا بِذِمَّةٍ).
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: فَائِدَةٌ هَذِهِ الشُّرُوطُ السَّبْعَةُ هِيَ الْمُشْتَرَطَةُ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ لَا غَيْرُ، لَكِنْ هَذِهِ زَائِدَةٌ عَلَى شُرُوطِ الْبَيْعِ.

.(فَصْلٌ): [لَا يُشْتَرَطُ فِي السَّلَمِ ذِكْرُ مَكَانِ الْوَفَاءِ]:

(وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي السَّلَمِ (ذِكْرُ مَكَانِ الْوَفَاءِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ، وَكَبَاقِي الْبُيُوعِ (إنْ لَمْ يُعْقَدْ بِنَحْوِ بَرِّيَّةٍ وَسَفِينَةٍ) وَنَحْوِهِمَا؛ كَدَارِ حَرْبٍ وَجَبَلٍ غَيْرِ مَسْكُونٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّسْلِيمُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، فَيَكُونُ مَحَلُّ التَّسْلِيمِ مَجْهُولًا فَاشْتُرِطَ تَعْيِينُهُ بِالْقَوْلِ كَالزَّمَانِ (وَيَجِبُ مَعَ تَشَاحٍّ وَفَاءُ مَكَانِ عَقْدِ) السَّلَمِ إذَا كَانَ مَحِلُّ إقَامَةٍ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ التَّسْلِيمُ فِي مَكَانِهِ، (وَشَرْطُهُ)؛ أَيْ: الْوَفَاءِ (فِيهِ)؛ أَيْ: مَكَانِ الْعَقْدِ مُؤَكَّدٌ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، فَلَا يُؤَثِّرُ (وَإِنْ دَفَعَ) مُسْلَمٌ إلَيْهِ السَّلَمَ (فِي غَيْرِهِ)؛ أَيْ: الْمَكَانِ الَّذِي شُرِطَ بِهِ إنْ عُقِدَ بِنَحْوِ بَرِّيَّةٍ، أَوْ مَكَانِ الْعَقْدِ إنْ عُقِدَ بِغَيْرِ نَحْوِ بَرِّيَّةٍ، (لَا مَعَ أُجْرَةِ حَمْلِهِ إلَيْهِ)؛ أَيْ: إلَى مَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ فِيهِ؛ (صَحَّ)؛ أَيْ: جَازَ الدَّفْعُ؛ لِتَرَاضِيهِمَا عَلَيْهِ، وَبَرِئَ دَافِعٌ؛ كَمَا يَصِحُّ (شَرْطُهُ)؛ أَيْ: الْوَفَاءِ (فِيهِ)؛ أَيْ: غَيْرِ مَحَلِّ الْعَقْدِ؛ كَبُيُوعِ الْأَعْيَانِ، فَإِنْ دَفَعَهُ، فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَدَفَعَ مَعَهُ أُجْرَةَ حَمْلِهِ إلَيْهِ؛ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ تَرَاضَيَا؛ لِأَنَّهُ كَالِاعْتِيَاضِ عَنْ بَعْضِ السَّلَمِ. (وَلَا يَصِحُّ أَخْذُ رَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ أَوْ ضَمَانٍ بِمُسْلِمٍ فِيهِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيِّ فِي خِصَالِهِ وَصَاحِبُ الْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ، وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ.
قَالَ فِي الْخُلَاصَة: لَا يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَرُوِيَتْ كَرَاهَتُهُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَلِأَنَّ الرَّهْنَ إنَّمَا يَجُوزُ بِشَيْءٍ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ، وَالضَّمَانُ يُقِيمُ مَا فِي ذِمَّةِ الضَّامِنِ مَقَامَ مَا فِي ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، فَيَكُونُ فِي حُكْمِ الْعِوَضِ وَالْبَدَلِ عَنْهُ، وَكِلَاهُمَا لَا يَجُوزُ؛ لِلْخَبَرِ، (خِلَافًا لِجَمْعٍ) مِنْهُمْ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ وَالْوَجِيزِوَالتَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُمْ؛ (وَلَا يَصِحُّ اعْتِيَاضٌ عَنْهُ)؛ أَيْ: الْمُسْلَمِ فِيهِ، (وَلَا) يَصِحُّ (بَيْعُهُ، أَوْ) بَيْعُ (رَأْسِ مَالِهِ) الْمَوْجُودِ (بَعْدَ فَسْخِ) عَقْدٍ (وَقَبْلَ قَبْضٍ) عَلَى غَيْرِهِ حَوَالَةُ رَأْسِ مَالِهِ- (وَلَوْ) كَانَ الْبَيْعُ (لِمَنْ) هُوَ (عَلَيْهِ- وَلَا حَوَالَةَ بِهِ) مِنْ جَانِبِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَلَى غَيْرِهِ، (وَلَا) حَوَالَةَ (عَلَيْهِ) مِنْ جَانِبِ الْمُسْلِمِ؛ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَعَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَحَدِيثِ: «مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ، فَلَا يَصْرِفْهُ إلَى غَيْرِهِ» وَلِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ؛ أَشْبَهَ الْمَكِيلَ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَأَيْضًا فَرَأْسُ مَالِ السَّلَمِ بَعْدَ فَسْخِهِ وَقَبْلَ قَبْضِهِ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِعَقْدِ السَّلَمِ؛ أَشْبَهَ الْمُسْلَمَ فِيهِ. وَتَصِحُّ هِبَةُ كُلِّ دَيْنٍ- وَلَوْ سَلَمًا- لِمَدِينٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ، فَإِنْ وَهَبَهُ دَيْنَهُ حَقِيقَةً؛ لَمْ يَصِحَّ؛ لِانْتِفَاءِ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ وَاقْتِضَاءِ الْهِبَةِ وُجُودَ مُعَيَّنٍ، وَهُوَ مُنْتَفٍ، وَمِنْ هُنَا امْتَنَعَ هِبَتُهُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَ(لَا) يَصِحُّ هِبَةُ الدَّيْنِ (لِغَيْرِهِ)؛ أَيْ: غَيْرِ الْمَدِينُ، (إلَّا لِضَامِنِهِ) بِهِ، فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْإِسْقَاطِ. (وَيَتَّجِهُ وَلَوْ ضَمِنَهُ حِيلَةً)؛ لِإِسْقَاطِ الدَّيْنِ؛ كَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ إذَا ضَمِنَ الْمَدِينَ لَدَائِنِهِ، وَتَعَسَّرَ عَلَيْهِ تَحْصِيلُهُ مِنْهُ، يُسْقِطُهُ الدَّائِنُ عَنْهُ؛ فَيَصِحُّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَيَصِحُّ دَيْنٌ مُسْتَقِرٌّ مِنْ ثَمَنٍ وَقَرْضٍ وَمَهْرٍ بَعْدَ دُخُولٍ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يُقَرِّرُهُ، (وَأُجْرَةٌ اُسْتُوْفِيَ نَفْعُهَا، وَأَرْشُ جِنَايَةٍ، وَقِيمَةُ مُتْلَفٍ)، وَجُعْلٌ بَعْدَ عَمَلٍ، (وَعِوَضٌ نَحْوَ خَلْعٍ لِمَدِينٍ فَقَطْ، وَشُرِطَ) لِصِحَّةِ الْبَيْعِ (قَبْضُ عِوَضِهِ قَبْلَ تَفَرُّقٍ) لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ. وَتَقَدَّمَ، فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ مَا فِي الذِّمَّةِ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ عِوَضَهُ؛ لِمَجْلِسٍ؛ لَمْ يَصِحَّ (إنْ بِيعَ) الدَّيْنُ (بِمَا لَا يُبَاعُ بِهِ نَسِيئَةً)؛ كَذَهَبٍ بِفِضَّةٍ، وَبُرٍّ بِشَعِيرٍ؛ لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ) بِيعَ الدَّيْنُ (بِمَوْصُوفٍ بِذِمَّةٍ)، سَوَاءٌ كَانَ يُبَاعُ بِهِ نَسِيئَةً، أَوْ لَا، وَلَمْ يُقْبَضْ بِالْمَجْلِسِ؛ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، فَإِنْ بِيعَ مَكِيلٌ بِمَوْزُونٍ مُعَيَّنٍ، وَعَكْسُهُ؛ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَضْ عِوَضُهُ بِالْمَجْلِسِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. (وَيَتَّجِهُ بَلْ) وَلَا يَصِحُّ؛ بَيْعُ دَيْنٍ بِمَوْصُوفٍ (- وَلَوْ بِغَيْرِ ذِمَّةٍ-) إذَا لَمْ يُقْبَضْ بِالْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ قَبْضُ عِوَضِهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ بِالْمَجْلِسِ، (خِلَافًا لَهُمَا)؛ أَيْ: لِلْمُنْتَهَى وَالْإِقْنَاعِ فِي تَقْيِيدِهِمَا اشْتِرَاطَ الْقَبْضِ فِيمَا إذَا كَانَ مَوْصُوفًا بِالذِّمَّةِ، وَهَذَا الِاتِّجَاهُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ فِيمَ إذَا كَانَ الْعِوَضُ بِعَيْنٍ مَوْصُوفَةٍ بِغَيْرِ ذِمَّةٍ؛ كَمَا لَوْ كَانَ مُشَاهَدًا بِحَيْثُ لَوْ أَرَادَ قَبْضَهُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ أَحَدٌ؛ وَكَذَا مُتَقَدِّمًا رُؤْيَتُهُ يَسِيرٌ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِعَيِّنٍ، فَلَا وَجْهَ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ وَيَصِحُّ بَيْعُ دَيْنٍ مُطْلَقًا (لِغَيْرِهِ)؛ أَيْ: غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ عَرْضُهُ مِمَّا يُبَاعُ بِهِ نَسِيئَةً، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ؛ أَشْبَهَ الْآبِقَ، (وَلَا) بَيْعُ دَيْنٍ [غَيْرِ] (مُسْتَقِرٍّ؛ كَدَيْنِ كِتَابَةٍ، وَأُجْرَةٍ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ، وَصَدَاقٍ قَبْلَ دُخُولٍ) لِأَنَّ مِلْكَهُ فِيهِ غَيْرُ تَامٍّ. (وَيَتَّجِهُ صِحَّةُ مُصَالَحَةٍ عَنْ ذَلِكَ)؛ أَيْ: عَنْ الدَّيْنِ غَيْرِ الْمُسْتَقِرِّ، دَفْعًا لِلنِّزَاعِ، وَطَلَبًا لِلسُّهُولَةِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَتَصِحُّ إقَالَةٌ فِي سَلَمٍ)؛ لِأَنَّهَا فَسْخٌ، وَتَصِحُّ إقَالَةٌ فِي (بَعْضِهِ)؛ لِأَنَّهَا مَنْدُوبٌ إلَيْهَا، وَكُلُّ مَنْدُوبٍ إلَيْهِ صَحَّ فِي شَيْءٍ؛ صَحَّ فِي بَعْضِهِ؛ كَالْإِبْرَاءِ (بِدُونِ)- مُتَعَلِّقٌ بِ تَصِحُّ- (قَبْضِ رَأْسِ مَالِهِ)؛ أَيْ: السَّلَمِ إنْ وُجِدَ (أَوْ) بِدُونِ قَبْضِ (عِوَضِهِ)؛ أَيْ: رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ؛ لِعَدَمِ وُجُودِ مُسْلَمٍ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا فَسْخٌ، فَإِذَا حَصَلَتْ بَقِيَ الثَّمَنُ بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ ذِمَّتِهِ، فَلَمْ يُشْتَرَطْ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ، كَالْقَرْضِ (وَبِفَسْخِ) سَلَمٍ (يَجِبُ) عَلَى مُسْلَمٍ إلَيْهِ (رَدُّ مَا أَخَذَ) مِنْ رَأْسِ مَالِهِ إنْ؛ بَقِيَ لِرُجُوعِهِ لِمُسْلِمٍ، (وَإِلَّا) يَكُنْ بَاقِيًا؛ فَعَلَيْهِ (مِثْلُهُ) إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، (ثُمَّ قِيمَتُهُ) إنْ مُتَقَوِّمًا، أَوْ تَعَذَّرَ الْمِثْلُ؛ لِأَنَّ مَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ يَرْجِعُ بِبَدَلِهِ، (فَإِنْ أَخَذَ بَدَلَهُ)؛ أَيْ: بَدَلَ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ (ثَمَنًا)؛ أَيْ: نَقْدًا، (وَهُوَ ثَمَنٌ؛ فَهُوَ صَرْفٌ) لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ، (وَإِلَّا جَازَ فِي عِوَضٍ مُعَيَّنٍ تَفَرُّقٌ قَبْلَ قَبْضٍ إنْ لَمْ يَجُزْ) بَيْنَ الْعِوَضَيْنِ (رِبَا نَسَاءٍ) بِأَنْ كَانَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ عَرْضًا، فَأَخَذَ الْمُسْلِمُ عَنْهُ عَرْضًا أَوْ ثَمَنًا بَعْدَ الْفَسْخِ؛ فَيَجُوزُ فِيهِ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَيَكُونُ بَيْعًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْعِوَضُ مَكِيلًا عَنْ مَكِيلٍ، أَوْ مَوْزُونًا عَنْ مَوْزُونٍ؛ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْقَبْضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، كَالصَّرْفِ. (وَمَنْ لَهُ سَلَمٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ جِنْسِهِ، فَقَالَ لِغَرِيمِهِ: اقْبِضْ سَلَمِي لِنَفْسِك)، فَفَعَلَ؛ (لَمْ يَصِحَّ) قَبْضُهُ (لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ حَوَالَةٌ) بِالسَّلَمِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِهِ، (وَلَا) قَبْضُهُ (لِلْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ) فِي قَبْضِهِ، فَلَمْ يَقَعْ لَهُ، فَيُرَدُّ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ، (وَصَحَّ) قَبْضُهُ لَهُمَا إنْ قَالَ: اقْبِضْهُ (لِي، ثُمَّ) اقْبِضْهُ (لَكَ)؛ لِاسْتِنَابَتِهِ فِي قَبْضِهِ لَهُ، ثُمَّ لِنَفْسِهِ، فَإِذَا أُقْبِضَهُ لِمُوَكِّلِهِ؛ جَازَ أَنْ يَقْبِضَهُ لِنَفْسِهِ؛ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ، وَتَقَدَّمَ يَصِحُّ قَبْضُ وَكِيلٍ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، إلَّا مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ دَيْنِهِ، (وَ) إنْ دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو دَرَاهِمَ، وَعَلَى زَيْدٍ طَعَامٌ لِعَمْرٍو، فَقَالَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو: (اشْتَرِ لَك بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ مِثْلَ الطَّعَامِ الَّذِي عَلَيَّ، فَفَعَلَ؛ لَمْ يَصِحَّ) الشِّرَاءُ؛ لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لِأَنَّهُ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ بِمَالِ غَيْرِهِ، (وَ) إنْ قَالَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو: اشْتَرِ لِي بِالدَّرَاهِمِ طَعَامًا (ثُمَّ اقْبِضْهُ لِنَفْسِك)، فَفَعَلَ؛ (صَحَّ شِرَاؤُهُ)؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ، (دُونَ قَبْضِ) ذَلِكَ (لِنَفْسِهِ)؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ لِنَفْسِهِ فَرْعٌ عَنْ قَبْضِ مُوَكِّلِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ. وَإِنْ قَالَ لَهُ: اشْتَرِ لِي بِالدَّرَاهِمِ مِثْلَ الطَّعَامِ الَّذِي عَلَيَّ وَ(اقْبِضْهُ لِي، ثُمَّ) اقْبِضْهُ (لِنَفْسِك)، فَفَعَلَ؛ (صَحَّا)؛ أَيْ: الْقَبْضَانِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الشِّرَاءِ وَالْقَبْضِ، ثُمَّ الْقَبْضِ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ. (وَيَتَّجِهُ لَوْ قَبَضَ دَيْنَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ)؛ أَيْ: إذْنِ رَبِّ الدَّيْنِ (بِشَرْطِ كَوْنِهِ)؛ أَيْ: الدَّيْنِ الْمَقْبُوضِ (قَرْضًا أَوْ) بِشَرْطِ كَوْنِ قَبْضِهِ لِذَلِكَ (بَيْعًا)؛ أَيْ: مَبِيعًا؛ (لَمْ يَصِحَّا)؛ أَيْ: الْقَرْضُ وَالْبَيْعُ، (وَلَهُ)؛ أَيْ: الْقَابِضِ (أَجْرُ مِثْلِ التَّقَاضِي)؛ أَيْ: أُجْرَةُ مِثْلِهِ مُدَّةَ اشْتِغَالِهِ بِالتَّقَاضِي؛ لِأَنَّهُ حَبَسَ نَفْسَهُ عَنْ الْعَمَلِ أَنْ لَوْ كَانَ لِتَحْصِيلِ مَالِ غَيْرِهِ بِإِذْنٍ، فَوَجَبَ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ. وَإِنْ قَالَ رَبُّ سَلَمٍ لِغَرِيمِهِ: (أَنَا أَقْبِضُهُ)؛ أَيْ: السَّلَمَ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ (لِنَفْسِي، وَخُذْهُ بِالْكَيْلِ الَّذِي تُشَاهِدُ؛ صَحَّ) قَبْضُهُ لِنَفْسِهِ؛ لِوُجُودِ قَبْضِهِ مِنْ مُسْتَحِقِّهِ. وَإِنْ قَالَ رَبُّ سَلَمٍ لِغَرِيمِهِ: (أَحْضِرْ اكْتِيَالِي مِنْهُ)؛ أَيْ: مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ الْحَقُّ، (لِأَقْبِضَهُ لَك)، فَفَعَلَ (صَحَّ قَبْضُهُ لِنَفْسِهِ،) وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِ لِأَقْبِضَهُ لَكَ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ مَعَ نِيَّتِهِ لِغَرِيمِهِ كَمَعَ نِيَّتِهِ لِنَفْسِهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بُدِّلَ قَوْلُهُ صَحَّ إلَى قَوْلِهِ وَاقْبِضْ لِغَرِيمِهِ صَحَّ لَهُمَا؛ لَمْ يَصِحَّ؛ أَيْ: الْقَبْضُ لَهُمَا؛ أَيْ: لِرَبِّ السَّلَمِ. وَغَرِيمِهِ، خِلَافًا لَهُمَا؛ أَيْ: لِلْإِقْنَاعِ وَالْمُنْتَهَى حَيْثُ قَالَا بِصِحَّتِهِ تَبَعًا لِتَصْحِيحِ الْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَقَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ، فَإِنْ صَحَّ نِسْبَةُ مَا فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ إلَى الْمُصَنِّفِ؛ فَمَحْمُولٌ عَلَى رِوَايَةِ مَرْجُوحَةٍ، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهَا، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ صَحَّ قَبْضُهُ لِنَفْسِهِ، أَنَّهُ لَا يَكُونُ قَبْضًا لِغَرِيمٍ مَقُولٍ لَهُ ذَلِكَ؛ لِعَدَمِ كَيْلِهِ إيَّاهُ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَبَضَهُ جُزَافًا إنْ عَلِمَا، (فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ)؛ أَيْ: مَنْ حَضَرَ الِاكْتِيَالَ [(فِيهِ)؛ أَيْ: الْمَكِيلِ] (بِدُونِ اعْتِبَارِهِ، وَإِنْ بَرَأَتْ ذِمَّةُ دَافِعٍ)؛ لِفَسَادِ الْقَبْضِ، (وَإِنْ تَرَكَهُ)؛ أَيْ: تَرَكَ الْقَابِضُ الْمَقْبُوضَ (بِمِكْيَالِهِ، وَأَقْبَضَهُ لِغَرِيمِهِ؛ صَحَّ) الْقَبْضُ (لَهُمَا)؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْكَيْلِ كَابْتِدَائِهِ، وَقَبْضُ الْآخَرِ فِي مِكْيَالِهِ جَرَى لِمُصَاعِهِ فِيهِ، (وَلَوْ أَذِنَ لِغَرِيمِهِ بِالصَّدَقَةِ فِي دَيْنِهِ) الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ (عَنْهُ، أَوْ) أَذِنَ لَهُ فِي (صَرْفِهِ) وَالْمُضَارَبَةِ أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ قَالَ: اعْزِلْهُ وَضَارِبْ بِهِ، فَفَعَلَ؛ (لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ، وَلَمْ يَبْرَأْ) الْغَرِيمُ مِنْ الدَّيْنِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ لَا يَمْلِكُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَلَوْ قَالَ رَبُّ الدَّيْنَ لِغَرِيمِهِ: (تَصَدَّقْ عَنِّي بِكَذَا، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ دَيْنِي) أَوْ قَالَ: أَعْطِ فُلَانًا كَذَا، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ دَيْنِي؛ ذَلِكَ، (وَكَانَ اقْتِرَاضًا)، لَا تَصَرُّفًا فِي الدَّيْنِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ كَمَا لَوْ قَالَهُ لِغَيْرِ غَرِيمِهِ، (لَكِنْ يَسْقُطُ مِنْ دَيْنِ غَرِيمِهِ بِقَدْرِهِ)؛ أَيْ: قَدْرِ مَا قَالَ لَهُ تَصَدَّقْ عَنِّي وَنَحْوِهِ. (بِالْمُقَاصَّةِ) الْآتِيَةِ: (وَ) لَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ (اشْتَرِ لِي بِدَيْنِي) الَّذِي لِي (عَلَيْك طَعَامًا)، فَفَعَلَ؛ لَمْ يَصِحَّ، (أَوْ) قَالَ لَهُ (أَسْلِفْ لِي أَلْفًا مِنْ مَالِكَ فِي كُرِّ طَعَامٍ، فَفَعَلَ، لَمْ يَصِحَّ)؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِقَبْضِهِ، (فَإِنْ قَالَ لَهُ اشْتَرِ لِي فِي ذِمَّتِك أَوْ قَالَ لَهُ أَسْلِفْ لِي أَلْفًا فِي كُرِّ طَعَامٍ، وَاقْبِضْ الثَّمَنَ عَنِّي مِنْ مَالِكَ، أَوْ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي لِي عَلَيْك؛ صَحَّ)؛ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ عَنْهُ مِنْ نَفْسِهِ وَفِي السَّلَفِ. (وَمَنْ قَبَضَ) مِنْ غَرِيمِهِ (دَيْنًا جُزَافًا فَاقْبَلْ قَوْلَهُ)؛ أَيْ: الْقَابِضِ (فِي قَدْرِهِ)؛ أَيْ: الْمَقْبُوضِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الزَّائِدَ؛ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَلَا يَتَصَرَّفُ مَنْ قَبَضَ مَكِيلًا وَنَحْوَهُ جُزَافًا فِي قَدْرِ حَقِّهِ (بِلَا اعْتِبَارِهِ) بِمِعْيَارِهِ؛ لِفَسَادِ الْقَبْضِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ قَابِضٍ (إنْ قَبَضَهُ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ، ثُمَّ ادَّعَى نَحْوَ غَلَطٍ)؛ كَسَهْوٍ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ. (وَمَا قَبَضَهُ) أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ، فَأَكْثَرُ (مِنْ دَيْنٍ مُشْتَرَكٍ بِإِرْثٍ أَوْ إتْلَافِ) عَيْنٍ مُشْتَرَكَةٍ (أَوْ بِعَقْدٍ)؛ كَبَيْعِ مُشْتَرَكٍ أَوْ إجَارَتِهِ (أَوْ بِضَرِيبَةٍ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهَا وَاحِدٌ)؛ كَوَقْفٍ عَلَى عَدَدٍ مَحْصُورٍ، وَوَظِيفَةٍ لِكُلِّ مِنْهُمَا اسْتِحْقَاقٌ فِيهَا؛ (فَشَرِيكُهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذٍ مِنْ غَرِيمٍ)؛ لِبَقَاءِ اشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ، (أَوْ) أَخْذٍ مِنْ (قَابِضٍ)؛ لِلِاسْتِوَاءِ فِي الْمِلْكِ، وَعَدَمِ تَمْيِيزِ حِصَّةِ الْآخَرِ، فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ بِهِ (- وَلَوْ بَعْدَ تَأْجِيلِ الطَّالِبِ لِحَقِّهِ-) لِمَا سَبَقَ؛ (مَا لَمْ يَسْتَأْذِنْهُ)؛ أَيْ: الشَّرِيكُ فِي الْقَبْضِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْقَبْضِ مِنْ غَيْرِ تَوْكِيلٍ فِي: نَصِيبِهِ، فَقَبَضَهُ لِنَفْسِهِ؛ لَمْ يُحَاصِصْهُ؛ كَمَا لَوْ قَالَ: اقْبِضْ لَكَ (أَوْ) مَا لَمْ (يَتْلَفْ) مَقْبُوضٌ (فَيَتَعَيَّنُ غَرِيمٌ)، وَالتَّالِفُ مِنْ حِصَّةِ قَابِضٍ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ، وَلَا يَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا، وَظَاهِرُهُ- وَلَوْ كَانَ التَّلَفُ بِفِعْلِ قَابِضِهِ- لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْرُ حَقِّهِ، وَإِنَّمَا شَارَكَهُ لِثُبُوتِهِ مُشْتَرَكًا، مَعَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا: لَوْ أَخْرَجَهُ الْقَابِضُ بِرَهْنٍ أَوْ قَضَاءِ دَيْنٍ؛ فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ يَدِهِ؛ كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. (وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ) قَوِيٍّ (لَا إنْ تَعَذَّرَ) الِاسْتِيفَاءُ مِنْ الْغَرِيمِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ؛ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْقَابِضِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ مِمَّا قَبَضَهُ بِإِذْنِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَقِيمَتِهِ إنْ تَالِفًا (وَمَنْ اسْتَحَقَّ)؛ أَيْ: تَجَدَّدَ لَهُ دَيْنٌ (عَلَى غَرِيمِهِ مِثْلُ مَا لَهُ عَلَيْهِ) مِنْ دَيْنٍ (جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً حَالَّيْنِ)؛ بِأَنْ اقْتَرَضَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دِينَارًا مِصْرِيًّا مَثَلًا، ثُمَّ اشْتَرَى عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ بِدِينَارٍ مِصْرِيٍّ حَالٍّ، (أَوْ مُؤَجَّلَيْنِ أَجَلًا وَاحِدًا)؛ كَثَمَنَيْنِ اتَّحَدَ أَجَلُهُمَا، (وَيَتَّجِهُ وَكَانَا)؛ أَيْ: الثَّمَنَانِ (مُسْتَقِرَّيْنِ) فِي الذِّمَّةِ؛ كَبَدَلِ الْقَرْضِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَقِيمَةِ الْمُتْلَفَاتِ وَنَحْوِهَا، لِاشْتِرَاطِ الِاسْتِقْرَارِ فِي الْمُقَاصَّةِ، مَعَ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِي مَوَاضِعَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الِاسْتِقْرَارِ، مِنْهَا مَا إذَا بَاعَ عَبْدَهُ لِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِثَمَنٍ مِنْ جِنْسِ مَا سَمَّى لَهَا. وَمِنْهَا صِحَّةُ الْمُقَاصَّةِ فِي مَالِ الْكِتَابَةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الِاسْتِقْرَارُ فِي الْمُقَاصَّةِ غَالِبًا؛ (تَسَاقَطَا) إنْ اسْتَوَيَا، (وَإِنْ لَمْ يَرْضَيَا) أَوْ أَحَدُهُمَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي اقْتِضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَدَفْعِهِ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ شَبَّهَهُ بِالْعَبَثِ (أَوْ) سَقَطَ مِنْ الْأَكْثَرِ (بِقَدْرِ الْأَقَلِّ) إنْ تَفَاوَتَا قَدْرًا بِدُونِ تَرَاضٍ، وَلَا يَتَسَاقَطَانِ (إذَا كَانَا)؛ أَيْ: الْمَدِينَانِ دَيْنَ سَلَمٍ، (أَوْ) كَانَ (أَحَدُهُمَا دَيْنَ سَلَمٍ)- وَلَوْ تَرَاضَيَا- لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي دَيْنِ سَلَمٍ قَبْلَ قَبْضِهِ، (أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ)؛ أَيْ: أَحَدُ الدَّيْنَيْنِ (حَقٌّ؛ كَرَهْنٍ وَمَالِ مُفْلِسٍ بِيعَا)؛ أَيْ: الرَّهْنُ وَمَالُ الْمُفْلِسِ (لِذِي)؛ أَيْ: صَاحِبِ (حَقٍّ لَهُ عَلَيْهِمَا)؛ أَيْ: عَلَى الرَّاهِنِ وَالْمُفْلِسِ؛ كَمَا لَوْ بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ لِتَوْفِيَةِ دَيْنِهِ مِنْ مَدِينِهِ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ، وَكَمَا لَوْ بَاعَ الْمُفْلِسُ بَعْضَ مَالِهِ عَلَى بَعْضِ غُرَمَائِهِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ مِنْ جِنْسِ مَالِهِ عَلَى الْمُفْلِسِ، فَإِنَّهُ لَا مُقَاصَّةَ؛ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ، (أَوْ كَانَ لَهُ)؛ أَيْ: الزَّوْجِ (عَلَيْهَا)؛ أَيْ: عَلَى زَوْجَتِهِ (دَيْنٌ مِنْ جِنْسِ وَاجِبِ نَفَقَتِهَا)؛ لَمْ يَحْتَسِبْ بِهِ (عُسْرَتَهَا)؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ بِمَا فَضَلَ وَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ مُوَضَّحًا. (وَيَتَّجِهُ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا)؛ أَيْ: الزَّوْجَيْنِ (مُعْسِرًا وَ) الزَّوْجُ (الْآخَرُ مُوسِرًا؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ) إنَّمَا يَتَعَلَّقُ (بِمَا فَضَلَ عَمَّا يَحْتَاجُهُ) الْمَدِينُ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ (وَمَتَى نَوَى مَدْيُونٌ وَفَاءً) عَمَّا عَلَيْهِ (بِدَفْعٍ بَرِئَ) مِنْهُ، (وَإِلَّا) يَنْوِ وَفَاءً، بَلْ نَوَى التَّبَرُّعَ (فَمُتَبَرِّعٌ)، وَالدَّيْنُ بَاقٍ عَلَيْهِ؛ لِحَدِيثِ: «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى». هَكَذَا ذَكَرُوهُ هُنَا، وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ التَّحْرِيرِ وَغَيْرِهِ: وَمِنْ الْوَاجِبِ مَا لَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ؛ كَنَفَقَةٍ وَرَدِّ وَدِيعَةٍ وَغَصْبٍ وَنَحْوِهِ؛ كَعَارِيَّةٍ وَدَيْنٍ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ [مَعَ غَفْلَتِهِ]؛ لِعَدَمِ النِّيَّةِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهَا الثَّوَابُ. انْتَهَى.
فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا نَوَى التَّبَرُّعَ لَا عَلَى مَا إذَا غَفَلَ عَنْ النِّيَّةِ جَمْعًا بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ، (وَتَكْفِي نِيَّةُ حَاكِمٍ وَفَّاهُ قَهْرًا مِنْ مَالِ مَدْيُونٍ)؛ لِامْتِنَاعِهِ أَوْ مَعَ غَيْبَتِهِ؛ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ، وَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَعْلَمُ بِهِ رَبُّهُ؛ وَجَبَ عَلَيْهِ إعْلَامُهُ بِهِ. (وَيَتَّجِهُ وَ) قَوْلُ قَابِضِ مَالٍ لِغَرِيمِهِ: (قَبَضْته مِنْ دَيْنِي) الَّذِي لِي فِي ذِمَّتِك، (فَقَالَ مَدِينٌ: بَلْ) هُوَ (قَرْضٌ) عِنْدَك وَدَيْنُكَ بَاقٍ، فَإِنْ وُجِدَ (مَعَ) ذَلِكَ (شَرْطُ الْمُقَاصَّةِ) مِنْ اتِّفَاقِ الدَّيْنِ وَالْمَقْبُوضِ قَدْرًا وَجِنْسًا وَصِفَةً؛ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ قَابِضٍ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّةِ نَفْسِهِ، (وَإِلَّا) يُوجَدْ شَرْطُ الْمُقَاصَّةِ؛ (فَلَا) يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِافْتِقَارِ ذَلِكَ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ إلَى عَقْدٍ جَدِيدٍ، وَلَمْ يُوجَدْ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.

.بَابُ (الْقَرْضُ):

بِفَتْحِ الْقَافِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا مَصْدَرُ قَرَضَ الشَّيْءَ يَقْرِضُهُ- بِكَسْرِ الرَّاءِ- إذَا قَطَعَهُ، وَمِنْهُ الْمِقْرَاضُ، وَالْقَرْضُ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى الِاقْتِرَاضِ. وَشَرْعًا: (دَفْعُ مَالٍ إرْفَاقًا لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ)؛ أَيْ: الْمَالِ، (وَيَرُدُّ بَدَلَهُ)، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسِهَا لِمَصْلَحَةٍ لَاحَظَهَا الشَّارِعُ؛ رِفْقًا بِالْمَحَاوِيجِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِهِ؛ لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (وَهُوَ) أَيْ: الْقَرْضُ (مِنْ الْمَرَافِقِ)- جَمْعُ مَرْفِقٍ- بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا مَعَ كَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا- وَهُوَ ارْتَفَقْتُ بِهِ وَانْتَفَعْتُ (الْمَنْدُوبِ إلَيْهَا) فِي حَقّ الْمُقْرِضِ؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مِنْ كَشَفَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: لَأَنْ أُقْرِضَ دِينَارَيْنِ، ثُمَّ يُرَدَّانِ، ثُمَّ أُقْرِضَهُمَا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِمَا. (وَالصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنْهُ)؛ أَيْ: الْقَرْضِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقْرِضُ مُسْلِمًا قَرْضًا مَرَّتَيْنِ إلَّا كَانَا كَصَدَقَةٍ مَرَّةً» رَوَاه ابْنُ مَاجَهْ. (وَلَا إثْمَ عَلَى مَنْ سُئِلَ) الْقَرْضَ (فَلَمْ يُقْرِضْ)؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، بَلْ مَنْدُوبٌ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْمُومَةِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُهُ بِعِوَضِهِ، فَأَشْبَهَ الشِّرَاءَ شَيْئًا فِي ذِمَّتِهِ. (وَيَنْبَغِي) لِلْمُقْتَرِضِ (أَنْ يُعْلِمَ الْمُقْرِضَ بِحَالِهِ وَلَا يَغُرَّهُ؛ كَفَقِيرٍ يَتَزَوَّجُ) بِامْرَأَةٍ (مُوسِرَةٍ)، فَيُعْلِمُهَا بِفَقْرِهِ لِئَلَّا يَغُرَّهَا، (وَلَا يَقْتَرِضُ إلَّا مَا يَقْدِرُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ) إلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ الَّذِي لَا يَتَعَذَّرُ مِثْلُهُ عَادَةً؛ لِئَلَّا يَضُرَّ بِالْمُقْرِضِ، (وَكَرِهَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ الشِّرَاءَ بِدَيْنٍ، وَلَا وَفَاءَ عِنْدَهُ إلَّا) الشَّيْءَ (الْيَسِيرَ. وَقَالَ) الْإِمَامُ أَحْمَدُ: (مَا أُحِبُّ أَنْ يَقْتَرِضَ بِجَاهِهِ لِإِخْوَانِهِ).
قَالَ الْقَاضِي: إذَا كَانَ مَنْ يَقْتَرِضُ لَهُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالْوَفَاءِ؛ لِكَوْنِهِ تَغْرِيرًا بِمَالِ الْمُقْرِضِ وَإِضْرَارًا بِهِ، أَمَّا إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْوَفَاءِ؛ فَلَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ لَهُ وَتَفْرِيجٌ لِكُرْبَتِهِ. ( [وَيَصِحُّ قَرْضٌ] وَيَتَّجِهُ وَلَوْ) كَانَ الْمُقْرَضُ (مُعَلَّقًا)؛ كَالْمُنَجَّزِ؛ إذْ لَا مَانِعَ مِنْهُ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ (بِلَفْظِهِ)؛ أَيْ: بِلَفْظِ الْقَرْضِ (وَلَفْظِ سَلَفٍ)؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْهُ، وَبِكُلِّ (مَا)؛ أَيْ: لَفْظٍ (يُؤَدِّي مَعْنَاهُ)؛ أَيْ: الْقَرْضِ كَقَوْلِهِ: (مَلَّكْتُكَ هَذَا لِتَرُدَّ) لِي (بَدَلَهُ)، أَوْ خُذْ هَذَا انْتَفَعَ بِهِ، وَرُدَّ لِي؛ بَدَلَهُ، (أَوْ تُوجَدُ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى إرَادَتِهِ)؛ أَيْ: الْقَرْضِ؛ كَأَنْ سَأَلَهُ قَرْضًا، (وَإِلَّا) بِأَنْ قَالَ: مَلَّكْتُك، وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَدَلَ، وَلَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَيْهِ؛ فَهُوَ هِبَةٌ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِيهَا، فَإِنْ اخْتَلَفَا، فَقَالَ الْمُعْطِي: هُوَ قَرْضٌ، وَقَالَ الْآخِذُ: هُوَ هِبَةٌ؛ (فَقَوْلُ آخِذٍ بِيَمِينِهِ فِي مَلَّكْتُكَ أَنَّهُ هِبَةٌ)؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ. (وَمَنْ سَأَلَهُ فَقِيرٌ إعْطَاءَ شَيْءٍ)؛ فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ قَالَ الْمُعْطِي: هُوَ قَرْضٌ، وَقَالَ الْآخِذُ هُوَ هِبَةٌ، (فَقَوْلُ دَافِعٍ أَنَّهُ قَرْضٌ) بِقَرِينَةِ السُّؤَالِ. (فَإِنْ قَالَ لَهُ: أَعْطِنِي إنِّي فَقِيرٌ)، وَلَمْ يَقُلْ قَرْضًا فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ ادَّعَى الْمُعْطِي أَنَّهُ قَرْضٌ، وَادَّعَى الْفَقِيرُ أَنَّهُ صَدَقَةٌ؛ (فَقَوْلُ فَقِيرٍ أَنَّهُ صَدَقَةٌ) بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ إنَّهُ فَقِيرٌ؛ إذْ مَنْ طَلَبَ لِلْفَقْرِ إنَّمَا يَطْلُبُ صَدَقَةً غَالِبًا. (وَشُرِطَ. عِلْمُ قَدْرِ قَرْضٍ) بِمُقَدَّرٍ مَعْرُوفٍ، فَلَا يَصِحُّ قَرْضُ دَنَانِيرَ وَنَحْوِهَا عَدَدًا إنْ لَمْ يُعْرَفْ وَزْنُهَا، إلَّا إنْ كَانَتْ يُتَعَامَلُ بِهَا عَدَدًا، فَيَجُوزُ، وَيُرَدُّ بَدَلُهَا عَدَدًا، (وَ) مَعْرِفَةُ (وَضْعِهِ) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ رَدِّ بَدَلِهِ.
(وَ) شُرِطَ (كَوْنُ مُقْرِضٍ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ)، فَلَا يُقْرِضُ نَحْوُ وَلِيِّ يَتِيمٍ مِنْ مَالِهِ، وَلَا مُكَاتَبٌ وَلَا نَاظِرُ وَقْفٍ مِنْهُ، كَمَا لَا يُحَابِي؛ (فَلَا يَصِحُّ قَرْضٌ نَحْوِ مَكِيلٍ)؛ كَمَوْزُونٍ (جُزَافًا أَوْ مُقَدَّرًا بِمِكْيَالٍ بِعَيْنِهِ غَيْرِ مَعْرُوفٍ عِنْدَ الْعَامَّةِ)؛ كَالسَّلَمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ تَلَفَ ذَلِكَ فَيَتَعَذَّرُ رَدُّ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَ لَهُمَا غَرَضٌ فِي ذَلِكَ؛ صَحَّ الْقَرْضُ، لَا التَّعْيِينُ، (وَمِنْ شَأْنِهِ)؛ أَيْ: الْقَرْضِ (أَنْ يُصَادِفَ ذِمَّةً) فِي الْغَالِبِ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الدَّيْنُ لَا يَثْبُتُ إلَّا فِي الذِّمَمِ، وَمَتَى أُطْلِقَتْ بِالْأَعْوَاضِ تَعَلَّقَتْ بِهَا، وَلَوْ عُيِّنَتْ الدُّيُونُ مِنْ أَعْيَانِ الْأَمْوَالِ؛ لَمْ يَصِحَّ. (فَلَا يَصِحُّ قَرْضُ جِهَةٍ؛ كَمَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ)؛ كَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ (مَعَ قَوْلِهِمْ)؛ أَيْ: الْأَصْحَابِ فِي كِتَابِ (الْوَقْفِ: وَلِلنَّاظِرِ الِاسْتِدَانَةُ عَلَيْهِ) بِلَا إذْنِ حَاكِمٍ لِمَصْلَحَتِهِ؛ كَشِرَائِهِ لَهُ نَسِيئَةً، أَوْ بِنَقْدٍ لَمْ يُعِنْهُ. (وَفِي بَابِ اللَّقِيطِ) يَجُوزُ الِاقْتِرَاضُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ لِنَفَقَةِ اللَّقِيطِ، وَكَذَا قَالَ فِي الْمُوجَز: يَصِحُّ قَرْضُ حَيَوَانٍ وَثَوْبٍ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ. (فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ حَاكِمٌ).
قَالَ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الدَّيْنَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْمُقْتَرِضِ، وَبِهَذِهِ الْجِهَاتِ؛ كَتَعَلُّقِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي؛ فَلَا يَلْزَمُ الْمُقْتَرِضَ الْوَفَاءُ مِنْ مَالِهِ، بَلْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ، وَمَا يَحْدُثُ لِبَيْتِ الْمَالِ. أَوْ يُقَالُ لَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ رَأْسًا، وَمَا هُنَا بِمَعْنَى الْغَالِبِ فَلَا تَرِدُ الْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ لِنُدْرَتِهَا. (وَيَصِحُّ) الْقَرْضُ (فِي كُلِّ عَيْنٍ يَصِحُّ بَيْعُهَا) مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ وَمَذْرُوعٍ وَغَيْرِهِ، (إلَّا بَنِي آدَمَ)؛ فَلَا يَصِحُّ قَرْضُهُ [ذَكَرًا] كَانَ أَوْ أُنْثَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ، وَلَا هُوَ مِنْ الْمَرَافِقِ، وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى أَنْ يَقْتَرِضَ جَارِيَةً يَطَؤُهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا. (وَيَتَّجِهُ وَ) إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَرْضُ (حِيلَةً) عَلَى الرِّبَا، (كَقَرْضِ حُلِيٍّ بِنَقْدٍ يُقْصَدُ بَيْعُهُ بِهِ)؛ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ (وَلَا يَصِحُّ قَرْضُ الْمَنَافِعِ)؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْهُودٍ، (خِلَافًا لِلشَّيْخِ) تَقِيِّ الدِّينِ، فَإِنَّهُ جَوَّزَ قَرْضَهَا؛ (كَأَنْ يَحْصُدَ مَعَهُ) إنْسَانٌ (يَوْمًا لِيَحْصُدَ الْآخَرُ مَعَهُ مِثْلَهُ، أَوْ يُسْكِنَهُ دَارِهِ لِيُسْكِنَهُ الْآخَرُ) دَارًا (بَدَلَهَا) كَالْعَارِيَّةِ بِشَرْطِ الْعِوَضَ.

.(فَصْلٌ): [أساسُ عَقْدِ الْقَرْضِ بِالْقَبُولِ]:

(وَيَتِمُّ) عَقْدُ (قَرْضٍ بِقَبُولٍ)؛ كَسَائِرِ الْعُقُودِ، (وَيَلْزَمُ) الْقَرْضُ، (وَيُمْلَكُ بِقَبْضٍ)؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَقِفُ التَّصَرُّفُ فِيهِ عَلَى الْقَبْضِ، فَوَقَفَ الْمِلْكُ عَلَيْهِ؛ كَالْهِبَةِ، (فَلَا يَمْلِكُ مُقْرِضٌ اسْتِرْجَاعَهُ، لِفَلْسٍ)، فَيَمْلِكُ مُقْرِضٌ الرُّجُوعَ فِيهِ بِشَرْطِهِ، لِحَدِيثِ: «مَنْ أَدْرَكَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ» وَيَأْتِي. (وَيَتَّجِهُ أَوْ) إلَّا إنْ (أَقْرَضَهُ) شَيْئًا (بِشَرْطِ أَنْ يَرْهَنَهُ بِهِ كَذَا، وَامْتَنَعَ) مِنْ ذَلِكَ، فَيَمْلِكُ مُقْرِضٌ الرُّجُوعَ بِقَرْضِهِ، وَيُجْبَرُ الْمُقْتَرِضُ عَلَى رَدِّهِ لَهُ بِعَيْنِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْلَمْ لِلْمُقْرِضِ شَرْطُهُ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ (وَلِرَبِّ قَرْضٍ طَلَبُ بَدَلِهِ)؛ أَيْ: الْقَرْضِ مِنْ مُقْتَرِضٍ (فَوْرًا)؛ أَيْ: فِي الْحَالِ (لِثُبُوتِهِ) فِي ذِمَّتِهِ (حَالًّا- وَلَوْ مَعَ تَأْجِيلِهِ-) لِأَنَّهُ سَبَبٌ يُوجِبُ رَدَّ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ، فَأَوْجَبَهُ حَالًّا؛ كَالْإِتْلَافِ، فَلَوْ أَقْرَضَهُ تَفَارِيقَ، فَلَهُ طَلَبُهُ بِهَا جُمْلَةً؛ كَمَا لَوْ بَاعَهُ بُيُوعًا مُتَفَرِّقَةً، ثُمَّ طَالَبَهُ بِثَمَنِهَا جُمْلَةً. (وَالْمُؤَجَّلُ كَثَمَنِ) مَبِيعٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ (لَا يَحِلُّ قَبْلَ حُلُولِهِ)؛ أَيْ: الْأَجَلِ؛ (وَلَوْ أَلْزَمَ) نَحْوُ مُشْتَرٍ (نَفْسَهُ بِتَعْجِيلِهِ)، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ بِوَعْدِهِ، (وَكَقَرْضِ كُلِّ) دَيْنٍ (حَالٍّ أَوْ) كَانَ مُؤَجَّلًا، وَ(حَلَّ) أَجَلُهُ؛ لَا يَصِحُّ تَأْجِيلُهُ. هَذَا الْمَذْهَبُ. وَيَحْرُمُ الْإِلْزَامُ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُقْرِضَ الْوَفَاءُ بِتَأْجِيلِهِ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ بِوَعْدِهِ. نَصًّا. (وَاخْتَارَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ (صِحَّةَ تَأْجِيلِ قَرْضٍ وَغَيْرِهِ)؛ كَثَمَنِ مَبِيعٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ وَغَيْرِهِ، وَلُزُومُهُ إلَى أَجَلِهِ؛ لِحَدِيثِ: «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ»
(وَإِنْ شَرَطَ) مُقْرِضٌ (رَدَّهُ)؛ أَيْ: الْقَرْضِ (بِعَيْنِهِ؛ لَمْ يَصِحَّ) الشَّرْطُ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَهُوَ التَّوَسُّعُ بِالتَّصَرُّفِ، وَرَدُّهُ بِعَيْنِهِ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ. (وَيَجِبُ قَبُولُ قَرْضٍ مِثْلِيٍّ رَدَّهُ بِعَيْنِهِ) وَفَاءً- وَلَوْ تَغَيَّرَ سِعْرُهُ- لِرَدِّهِ عَلَى مَا عَلَيْهِ صِفَةً؛ فَلَزِمَ قَبُولُهُ؛ كَالسَّلَمِ، بِخِلَافِ مُتَقَوِّمٍ رُدَّ- وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ سِعْرُهُ- فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَهُ قِيمَتُهُ، (مَا لَمْ يَتَعَيَّبْ) مِثْلِيٌّ رُدَّ بِعَيْنِهِ؛ كَحِنْطَةٍ ابْتَلَّتْ، فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ؛ لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهِ، (أَوْ) مَا لَمْ (يَكُنْ) الْقَرْضُ (فُلُوسًا، أَوْ) يَكُنْ دَرَاهِمَ (مُكَسَّرَةً، فَيُحَرِّمُهَا)؛ أَيْ: يَمْنَعُ النَّاسَ الْمُعَامَلَةَ بِهَا (السُّلْطَانُ) أَوْ نَائِبُهُ- وَلَوْ لَمْ يَتَّفِقْ النَّاسُ عَلَى تَرْكِ التَّعَامُلِ بِهَا- (فَلَهُ)؛ أَيْ: الْمُقْرِضِ (قِيمَتُهُ)؛ أَيْ: الْقَرْضِ الْمَذْكُورِ (وَقْتَ قَرْضٍ)، نَصًّا؛ لِأَنَّهَا تَعَيَّبَتْ فِي مِلْكِهِ، وَسَوَاءٌ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا (وَتَكُونُ) الْقِيمَةُ (مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ)؛ أَيْ: الْقَرْضِ (إنْ جَرَى فِيهِ)؛ أَيْ: أَخْذُ الْقِيمَةِ مِنْ جِنْسِهِ (رِبَا فَضْلٍ)؛ كَمَا لَوْ أَقْرَضَهُ دَرَاهِمَ (مُكَسَّرَةً) أَوْ مَغْشُوشَةً (فَحَرُمَتْ)؛ أَيْ: حَرَّمَهَا السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ وَقِيمَتُهَا يَوْمَ الْقَرْضِ أَنْقَصُ مِنْ وَزْنِهَا؛ فَإِنَّهُ (يُعْطِيهِ بِقِيمَتِهَا ذَهَبًا)؛ حَذَارِ مِنْ رِبَا الْفَضْلِ، وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ، فَلَوْ أَقْرَضَهُ دَنَانِيرَ مُكَسَّرَةً، فَحَرَّمَهَا السُّلْطَانُ؛ أَعْطَى قِيمَتَهَا فِضَّةً، (وَ) كَذَا حُكْمُ (حُلِيٍّ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ وَزْنِهِ)، فَيُعْطِي قِيمَتَهُ وَقْتَ قَرْضٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ [وَيَتَّجِهُ] (فَمُقْرِضُ قِرْشٍ) لِآخَرَ، (يَأْخُذُ مِنْهُ دَرَاهِمَ) بَدَلَهُ؛ (لَا يَجُوزُ) حَيْثُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ رِبًا. وَهُوَ مُتَّجِهٌ (وَكَذَا ثَمَنٌ لَمْ يُقْبَضْ) إذَا كَانَ فُلُوسًا أَوْ مَغْشُوشَةً حَرَّمَهَا السُّلْطَانُ، (أَوْ رُدَّ)- بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ- ثَمَنٌ؛ أَيْ: رَدَّهُ بَائِعٌ (بِرَدِّ) مُشْتَرٍ (لِمَبِيعٍ) وَجَدَهُ مَعِيبًا وَنَحْوِهِ، وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَخْذَ ثَمَنِهِ الَّذِي أَقْرَضَهُ لِلْبَائِعِ، وَكَانَ الثَّمَنُ فُلُوسًا أَوْ دَرَاهِمَ مُكَسَّرَةً، فَحَرَّمَهَا السُّلْطَانُ، وَكَانَ الثَّمَنُ بَاقِيًا، فَرَدَّهُ الْبَائِعُ؛ لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِيَ قَبُولُهُ مِنْهُ؛ لِتَعَيُّبِهِ عِنْدَهُ، وَلَهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ عَقَدَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا إنْ جَرَى بَيْنَهُمَا رِبَا فَضْلٍ، وَنَصَّهُ فِي الدَّرَاهِمِ الْمُكَسَّرَةِ قَالَ: يُقَوِّمُهَا كَمْ تُسَاوِي يَوْمَ أَخَذَهَا ثُمَّ يُعْطِيهِ. (وَيَتَّجِهُ وَ) كَذَا (أُجْرَةُ صَدَاقٍ وَعِوَضُ خُلْعٍ).
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْمُحَرَّرِ وَقِيَاسُ ذَلِكَ؛ أَيْ: الْقَرْضِ فِيمَا إذَا كَانَتْ مُكَسَّرَةً أَوْ فُلُوسًا، وَحَرَّمَهَا السُّلْطَانُ، وَقُلْنَا يَرُدُّ قِيمَتَهَا، جَمِيعُ الدُّيُونِ فِي بَدَلِ الْمُتْلَفِ وَالْمَغْصُوبِ وَالصَّدَاقِ وَالْفِدَاءِ وَالصُّلْحِ عِنْدَ الْقِصَاصِ وَالْكِتَابَةِ انْتَهَى.
وَهُوَ مُتَّجِهٌ (وَيَجِبُ) عَلَى مُقْتَرِضٍ (رَدُّ مِثْلِ فُلُوسٍ) اقْتَرَضَهَا، وَلَمْ تَحْرُمْ الْمُعَامَلَةُ بِهَا، (وَ) رَدُّ مِثْلِ دَرَاهِمَ (مُكَسَّرَةٍ) أَوْ مَغْشُوشَةٍ (غَلَتْ، أَوْ رَخُصَتْ، أَوْ كَسَدَتْ)، أَوْ نَفَقَتْ مَعَ بَقَاءِ التَّعَامُلِ بِهَا وَعَدَمِ تَحْرِيمِ السُّلْطَانِ لَهَا؛ فَيَرُدُّ مِثْلَهَا، سَوَاءٌ كَانَ الْغُلُوُّ وَالرُّخْصُ كَثِيرًا؛ بِأَنْ كَانَتْ عَشَرَةً بِدَانَقٍ فَصَارَتْ عِشْرِينَ بِدَانَقٍ، وَعَكْسُهُ، أَوْ قَلِيلًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ فِيهَا شَيْءٌ؛ إنَّمَا تَغَيَّرَ السِّعْرُ؛ فَأَشْبَهَ الْحِنْطَةَ إذَا رَخُصَتْ أَوْ غَلَتْ.
(وَ) يَجِبُ رَدُّ (مِثْلِ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ) يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ، لَا صِنَاعَةَ فِيهِ مُبَاحَةٌ.
قَالَ فِي الْمُبْدِعِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ يُضْمَنُ فِي الْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ بِمِثْلِهِ، فَكَذَا هُنَا.
قَالَ الْمُوَفَّقُ إذَا زَادَتْ قِيمَةُ الْفُلُوسِ أَوْ نَقَصَتْ؛ رَدَّ مِثْلَهَا؛ كَمَا لَوْ اقْتَرَضَ عَرَضًا مِثْلِيًّا؛ كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ، فَإِنَّهُ يَرُدُّ مِثْلَهُ وَإِنْ غَلَا أَوْ رَخُصَ؛ لِأَنَّ غُلُوَّ قِيمَتِهِ أَوْ نُقْصَانَهَا لَا يُسْقِطُ الْمِثْلَ عَنْ ذِمَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ، فَلَا يُوجَدُ الْمُطَالَبَةُ بِالْقِيمَةِ، وَهَذَا هُوَ مُعَيَّنُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ نَصَّ الْإِمَامِ بِرَدِّ الْقِيمَةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا أَبْطَلَ السُّلْطَانُ الْمُعَامَلَةَ بِهَا، لَا فِي زِيَادَةِ الْقِيمَةِ وَنُقْصَانِهَا، (فَإِنْ أَعْوَزَ) الْمِثْلُ، فَلَمْ يُوجَدْ؛ فَتُرَدُّ (قِيمَتُهُ يَوْمَ إعْوَازِهِ)؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ ثُبُوتِهَا فِي الذِّمَّةِ.
(وَ) يَجِبُ عَلَى الْمُقْتَرِضِ رَدُّ (قِيمَةِ غَيْرِهِمَا)؛ أَيْ: الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ.
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ، فَضُمِنَ بِقِيمَتِهِ؛ كَالْغَصْبِ (يَوْمَ قَبْضٍ، وَلَوْ) كَانَ الْقَرْضُ (غَيْرَ جَوْهَرٍ) مِمَّا لَا يَنْضَبِطُ بِالصِّفَةِ؛ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ قِيمَتُهَا فِي الزَّمَنِ الْيَسِيرِ بِكَثْرَةِ الرَّاغِبِ وَقِلَّتِهِ، فَتَزِيدُ زِيَادَةً كَثِيرَةً، فَيَنْضَرُّ الْمُقْتَرِضُ، وَتَنْقُصُ فَيَنْضَرُّ الْمُقْرِضُ، (خِلَافًا لِلْمُنْتَهَى) فَإِنَّهُ قَالَ: فَجَوْهَرٌ وَنَحْوُهُ يَوْمَ قَبْضٍ، وَغَيْرُهُ يَوْمَ قَرْضٍ، وَمَا فِي الْمُنْتَهَى جَزَمَ بِهِ فِي التَّنْقِيحِ وَالْإِنْصَافِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ نَبَّهْنَا عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي فَصْلِ وَيَتَمَيَّزُ عَنْ مُثَمَّنٍ بِالْبِدَايَةِ، وَبَيَّنَّاهَا بَيَانًا لَا لَبْسَ مَعَهُ، فَلْتُرَاجَعْ هُنَاكَ، فَإِنَّهَا كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ، خُصُوصًا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ. (وَيُرَدُّ مِثْلُ كَيْلِ مَكِيلٍ دُفِعَ وَزْنًا)؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ هُوَ مِعْيَارُهُ الشَّرْعِيُّ، (وَعَكْسُهُ)؛ أَيْ: مِثْلُ وَزْنِ مَوْزُونٍ دُفِعَ كَيْلًا؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ هُوَ مِعْيَارُهُ الشَّرْعِيُّ. (وَيَجُوزُ قَرْضُ مَا كِيلَ)؛ كَسَائِرِ الْمَائِعَاتِ (وَ) يَجُوزُ قَرْضُهُ (لِسَقْيٍ مُقَدَّرًا بِأُنْبُوبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا) مِمَّا يُعْمَلُ عَلَى هَيْئَتِهَا مِنْ فَخَّارٍ أَوْ نُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ؛ (لِقَوْلِ) الْإِمَامِ (أَحْمَدَ: إذَا كَانَ مَحْدُودًا يُعْرَفُ كَمْ يَخْرُجُ مِنْهُ؛ فَلَا بَأْسَ)؛ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ رَدِّ مِثْلِهِ، (وَ) وَيَجُوزُ قَرْضُهُ مُقَدَّرًا (بِزَمَنٍ مِنْ نَوْبَةِ غَيْرِهِ؛ لِيَرُدَّ) مُقْتَرِضٌ (عَلَيْهِ)؛ أَيْ: الْمُقْرِضِ (مِثْلَهُ) فِي الزَّمَنِ (مِنْ نَوْبَتِهِ)، نَصًّا قَالَ: وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَحْدُودٍ كَرِهْتُهُ؛ أَيْ: أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ مِثْلِهِ.
(وَ) يَجُوزُ قَرْضُ (خُبْزِ خَمِيرٍ عَدَدًا وَرَدُّهُ عَدَدًا بِلَا قَصْدِ زِيَادَةٍ أَوْ جُودَةٍ)؛ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ الْجِيرَانُ يَسْتَقْرِضُونَ الْخُبْزَ وَالْخَمِيرَ، وَيَرُدُّونَ زِيَادَةً وَنُقْصَانًا، فَقَالَ: لَا بَأْسَ إنَّمَا ذَلِكَ مِنْ مَرَافِقِ النَّاسِ، لَا يُرَادُ بِهِ الْفَضْلُ» رَوَاه أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي وَلِمَشَقَّةِ اعْتِبَارِهِ بِالْوَزْنِ مَعَ دُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.